|
وكان الشاب يعرف المخاطر التي ترافق هذا النشاط، شأنه في ذلك شأن كل المنقبين عن الذهب في هذه المنطقة، الواقعة في جنوب شرق البلاد الحدودية مع ساحل العاج، إذ يدفعهم الفقر واليأس إلى مناجم غير قانونية، حسب ما يؤكد لوماس سايدي أحد زملائه والعامل بالمكان نفسه الواقع في دارك فوريست في ولاية غراند جيديه.
ويوضح سايدي التنقيب عن الذهب بين الطمي يعرف ازدهارا خارجا عن السيطرة، قائـلا “في حالات كهـذه لا يسعنـا القيام بشيء. نتـرك الجثـة ونغـادر المـوقع لبعض الوقت”.
ويضيف “بعد عودتنا نزيل الأنقاض وبشكل عام نكتشف كمية كبيرة من الذهب في المكان الذي طمر فيه المنقب. الأمر أشبه أحيانا بحفر قبورنا بأيدينا”.
وبخلاف التنقيب عن الذهب التقليدي الممارس في البلاد على نطاق ضيّق من قبل السكان المحليين، فإن ليبيريين من كل الأعمار، فضلا عن لاجئين فرّوا من العنف السياسي الذي دار بساحل العاج بين عامي 2010 و2011، ينهكون أنفسهم في حفر ممرّات يبلغ عمقها أحيانا عشرات الأمتار.
وينبش المنقبون كميات كبرى من التراب يستخرجون منها جزيئات الذهب التي تنقل سرّا من قبل تجار، عادة إلى العاصمة مونروفيا أو إلى غينيا وساحل العاج. ومن ثمة يذاب الذهب ويحوّل إلى سبائك ثمّ يهرب بعد ذلك إلى الخارج.
وقد صدّرت ليبيريا، الواقعة في غرب أفريقيا والتي تعتبر من أفقر دول العالم، رسميا 416.5 كيلوغراما من الذهب بقيمة تقدر بـ16.5 مليون دولار خلال الأشهر التسعة الأولى من العام 2013، غير أن مصادر في هذا القطاع تفيد أن الإنتاج السنوي يصل إلى ثلاثة أطنان تقريبا.
أحلام الثروة تحفز المنقبين على الغوص في حفر عميقة، استكشافا لجزيئات الذهب، غير أن عددا منهم يلفظهم التراب سريعا
وتؤكد الحكومة أنها لا تحقق عائدات كثيرة منه، وهي تقدر بنصف مليون دولار العام 2013، فيما يشتكي الوسطاء الرسميون من منافسة التجار غير القانونيين ومن وكلائهم في غرب أفريقيا.
ومع ذلك فإن الوضع الأسوأ يعيشه المنقبون أنفسهم الذين يتقاضون دولارات قليلة في اليوم أحيانا ولا شيء في أيام أخرى، ويعيشون في خيم تفتقر إلى الحد الأدنى من الخدمات الأساسية، كما تعاني من اكتظاظ شديد.
وفي قلب دارك فوريست يضم مخيم “بنين” نحو ثلاثة آلاف منقب بينهم أطفال. ويقول جاسبر تومابو، 12 عاما، متنهدا وهو ويتصبب عرقا ويضع يده على معول كبير “أريد أن أذهب إلى المدرسة لكن لا أحد يقدر على دفـع قسطي المـدرسي ووالداي لا يعملان. منذ ولدت لم أدخل يوما قاعة صف”. وكذلك الوضع بالنسبة إلى موزيس كيركولا ابن الثامنة الذي يوضح أنه أصبح منقبا عن الذهب “لتحصيل بعض المال لشراء الملابس”.
وكانت السلطات والأمم المتحدة قرّرت، العام 2012، تعليق التنقيب عن الذهب بين الطمي في المناطق الحدودية، إلا أن الإجراء بقي حبرا على ورق.
وتعزو الأمم المتحدة ذلك إلى البنى التحتية السيئة ووقوع الكثير من هذه المناجم في مناطق نائية ونقص المال لنشر الموظفين الضروريين لمراقبة تطبيق القرار. يضاف إلى ذلك أن وقف مصدر العائدات الوحيد للكثير من الشباب قد يحدث مشاكل أكثر خطورة في المجتمع، حسب ما تروّجه السلطات المحلية.
ويعتبر بيتر سولو، المسؤول الكبير في المنطقة، أن وقف هذا النشاط “من دون اقتـراح وظائف جديدة عليهم سيـأتي بنتائج عكسية”. وما يزيد الوضع سوءا مجيء شباب من منروفيا، لينضمّوا إلى صفوف المنقبين في المناطق الحدودية مع ساحل العاج وسيراليون. وقد سئم الفين دوو من التسوّل في شوارع العاصمة فاتي، فجاء إلى المنطقة لتمويل حلمه بمغادرة البلاد ليصبح لاعب كرة قدم محترف، مؤكدا أنه التقى هنا الكثير من اللاعبين في أندية معروفة.
ويأمل الفين كغيره بالوقوع على كمية من الذهب ستغير مصيره، قائلا “نتضرّع إلى الربّ أن ينتشلنا من هنا”.
0 التعليقات:
إرسال تعليق